حتى لا يفقد العقاب قيمته التربوية



يلجأ الكثير من الآباء والأمهات والمربين إلى عقاب الطفل لتفريغ ما بهم من شحنات جراء سوء تصرف الطفل، فيكون العقاب هنا أشبه بالانتقام والثأر من الطفل.. وبالتالي يفقد قيمته التربوية التي هي بالأساس للتأديب وتعديل السلوك.. فالعقاب لم يشرع لذاته وإنما للتهذيب وعدم تكرار الأخطاء.
إن العقاب هو أحد الوسائل التربوية التي يستعين بها المربون لتقويم سلوك الطفل، لكن هناك الكثير من الأخطاء الشائعة يقع فيها كثير من الناس عند استعمالهم العقاب مع أطفالهم.. ومن  ذلك:
1 – المبالغة في عقاب الطفل كلما يخطئ وعدم تفويت أي خطأ إلا ويتبعه عقاب.. فلو يخطئ الصغير سهوا أو غير عمد يواجه عقابا لا محالة.. وبالمقابل نجده في فعله شيئا مستحسنا لا يجد الثواب وينسى الآباء مكافأته.. وهنا نجد العقاب يسبب للطفل العقد النفسية وعدم الثقة بالنفس.. ناهيك عن استهانته بالعقاب فقد أصبح لا يجدي معه.. وكثيرا ما نسمع من الأمهات قولهن: جربت كل أساليب العقاب ولم ينفع.. هذا الطفل لا يجدي معه عقاب ولا غيره!
2 – التهديد دائما بالعقاب وعدم فعله.. فالقسم والأيمان المغلظة تتردد كثيرا على مسامع الطفل بإنزال أشد العقوبة إن لم يفعل كذا وكذا.. والحلف بالذهاب عنه إن تأخر في خروجه من المنزل.. لكن لا عقابا يقع ولا ذهابا عندما يتأخر!
 3 – التركيز على نوع واحد من العقاب.. كالضرب مثلا أو الحرمان من التلفاز دوما عندما يخطئ.. بل ينبغي التنويع في العقاب بما يتناسب مع الخطأ وعمر الطفل واستيعابه.
4 – حرمان الطفل من حقوقه الواجبة له.. كالحرمان من وجبة العشاء مثلا.. فهذا الأمر ينتفي مع آداب العقاب وقيمه التربوية.. ويتحول إلى انتقام وإساءة.
5 – إيكال مهمة العقاب على شخص بعينه.. (إن لم تنظف الغرفة فسأخبر والدك)
يكون هذا الشخص أشبه بالشرطي أو القاضي الذي ليس له دور إلا العقاب والضرب،
فيرتبط لدى الطفل ذلك الشخص بالقسوة ويتولد تجاهه مشاعر الكره. لكن لابد أن يشترك الآباء والكبار في الأسرة في عقاب الطفل والاتفاق مع بعض على نوع العقوبة التي يستحقها الطفل المذنب.
6 – تأجيل العقوبة لوقت آخر.. وعدم إيقاعها في وقتها.. وبالتالي قد ينسى الطفل ما فعل وخاصة عندما يكون صغير السن.. لذلك ينبغي أن يكون العقاب تاليا للخطأ.. إلا في حالة واحدة.. وهو عندما يكون الطفل مع أصدقائه أو أمام الناس.. فيستحسن هنا أن يؤجل العقاب مع ضرورة إخباره بذلك.. والسبب من التأجيل.
7 – عدم مناقشة الطفل في سلوكه السيئ.. والاكتفاء فقط بالعقاب لتعديل هذا السلوك وتهذيبه.. فعندما يرتكب الطفل خطأ فإن من أفضل الطرق التي تؤتي ثمارها هي الجلوس معه والتحدث إليه عما فعل.. فالحوار الهادئ هو كل ما يلزم لتغيير سلوك الطفل وعدم تكرار الخطأ.. نحن كثيرا ما نفتقد لجلسات هادئة مع أبنائنا لتقويم سلوكهم.
إن مسألة العقاب يجب أن تكون عقلانية.. فبعض أنواع العقاب يكون مدمرا للطفل.. مدمرا لشخصيته وثقته وتطوره.. كما أن هناك فروقا فردية بين الأطفال فما يجدي مع طفل قد لا يناسب آخر.. ولا بد أن تكون معاقبة الطفل حسب ذنبه وعمره.. فأساليب العقاب تتعدد لكن الأفضل هو العقاب المعنوي.

ليست هناك تعليقات: